كشف مسؤولون فلسطينيون عن بدء تعرض المسجد الأقصى لعملية انهيار تدريجى نتيجة عمليات الحفر التى تنفذها سلطات الاحتلال للأنفاق تحته، وفيما امتدت استفزازات المتطرفين اليهود لمدينة الناصرة، شنت القوات الإسرائيلية حملة اعتقالات فى أحياء البلدة القديمة القدس الشرقية طالت ٥٠ فلسطينيا ومنعت من تقل أعمارهم عن ٤٠ عاما من دخول الأقصى على خلفية المصادمات التى اندلعت فى باحة الحرم السبت الماضى عندما منع الفلسطينيون متطرفين يهود من اقتحامه لأداء طقوس دينية قبل ساعات من بدء عيد الغفران اليهودى (يوم كيبور) وهو أقدس يوم فى التقويم اليهودى.
وقال مسؤول ملف القدس فى حركة فتح، حاتم عبدالقادر إن الأشجار المعمرة حول المسجد الأقصى بدأت تتساقط جراء أعمال الحفر التى تقوم بها قوات الاحتلال وهو ما يؤشر لبدء انهيار تدريجى يتعرض له المسجد الأقصى. وحذر خلال مؤتمر صحفى عقده فى رام الله بمشاركة الشيخ تيسير التميمى، قاضى القضاة، رئيس الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، من أن دائرة الأرصاد الفلسطينية تتوقع وقوع هزتين أرضيتين خلال الأشهر القليلة المقبلة فى هذه المنطقة جراء أعمال الحفر الإسرائيلية وهو ما سيكون له أشد الخطر على أبنية الحرم القدسى، مشددا على أن مواجهة هذه المخاطر تتطلب بلورة صياغة استراتيجية لوضع حد للمخططات الإسرائيلية ومشروعها الصهيونى فى الأقصى.
وفى مدينة الناصرة داخل أراضى ١٩٤٨، قام عشرات الشباب اليهود من سكان مدينة «نتسريت عليت» برجم أطراف الحى الشرقى للمدينة، وهم يردّدون هتافات عنصرية منها: «الموت للعرب» و«ارحلوا إلى الأردن»، وهددوا باقتحام الحى ليلا.
وفى تواصل لردود الأفعال المنددة باقتحام اليهود المتطرفين باحة الحرم، اعتصم العشرات من أعضاء نقابات العمال الأردنية وأعضاء بارزون فى الأحزاب السياسية أمام مجمع النقابات المهنية بالعاصمة عمان. وفى كلمة أمام المحتشدين، ناشد رئيس مجلس نقابات العمال عبدالله عبيدات الدول العربية بالسماح بعمليات مقاومة مسلحة ضد إسرائيل انتقاما من «تدنيس» المواقع الإسلامية فى القدس. كما أعرب العاهل المغربى عن إدانته القوية «للعمل الشنيع الذى تعرض له المسجد الأقصى من انتهاكات مبيتة ومستفزة لمشاعر المسلمين على يد طائفة من المتطرفين اليهود».
وبدورها، أعربت النقابة العامة لأطباء مصر عن « قلقها الشديد إزاء المؤامرات الصهيونية التى تستهدف الحرم القدسى الشريف والمسجد الأقصى، كما دعا اتحاد شباب حزب العمل – المجمد – إلى إقامة مظاهرة حاشدة بالجامع الأزهر بعد غد الجمعة للتنديد بصمت الحكام العرب تجاه هذه الاعتداءات. وقال شباب العمل فى بيان لهم أمس بعنوان «الأقصى فى خطر»، إنه سيتم عقد مؤتمر جماهيرى عقب صلاة الجمعة مباشرة لنصرة المسجد الأقصى، على أن تعقبه مظاهرة حاشدة للتعبير عن غضبنا من هذا الاقتحام الذى يمثل إهانة لمقدساتنا.
من جانب آخر، قدم القاضى الدولى ريتشارد جولدستون، رئيس بعثة تقصى الحقائق فى غزة، تقريرا بشأن الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع صباح أمس إلى مجلس حقوق الإنسان المنعقد حاليا فى جنيف، تضمن إدانة شديدة لإسرائيل. واعتبر جولدستون أن عدم مساءلة مرتكبى جرائم الحرب فى الشرق الأوسط وصل إلى «حد الأزمة» ويقوض أى أمل فى إقرار السلام فى المنطقة. وطالب ريتشارد جولدستون، وهو مدعى جرائم الحرب السابق الذى قاد تحقيق الأمم المتحدة فى حرب غزة، كلا من إسرائيل وحركة حماس التى تدير القطاع بإجراء تحقيقات شفافة ذات مصداقية فى الانتهاكات التى ارتكبت فى الحرب التى استمرت بينهما خلال شهرى ديسمبر ويناير الماضيين.
وقال جولدستون أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للامم المتحدة فى جنيف «ثقافة الحصانة فى المنطقة استمرت أطول مما يجب»، وتابع «عدم المساءلة عن جرائم الحرب وجرائم حرب محتملة ضد الإنسانية وصل إلى حد الأزمة وغياب العدالة المستمر يقوض أى أمل فى عملية سلام ناجحة ويرسخ المناخ الذى يشجع أعمال العنف».
وحث جولدستون مجلس حقوق الإنسان الذى يضم ٤٧ دولة على التصديق على تقرير لجنته الذى خلص إلى أن الجيش الإسرائيلى والناشطين الفلسطينيين ارتكبوا جرائم حرب وربما جرائم ضد الإنسانية خلال الصراع بينهما. وتقدم جولدستون بالشكر إلى مصر لسماحها بدخول البعثة إلى قطاع غزة مشيرا إلى عدم تعاون إسرائيل مع البعثة، حيث شنت هجوما ضاريا ضد لجنة تقصى الحقائق ورفضت التعاون معها، فيما رحبت واشنطن، بتحفظ شديد، بتقرير جولدستون ورفضت التوصيات التى اقترحها التقرير بإمكانية قيام مجلس الأمن بتحويل ملف حرب غزة إلى المدعى العام بالمحكمة الجنائية الدولية. والتصديق على تقرير جولدستون يعنى إحالته لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لاتخاذ قرار بشأنه.
وفى سياق متصل، تقدم عدد من العائلات الفلسطينية بطلب إلى وزارة العدل البريطانية بإلقاء القبض على وزير الدفاع الإسرائيلى إيهود باراك على خليفة الجرائم التى ارتكبت فى غزة، فيما قالت مصادر بريطانية إن أوامر من الحكومة البريطانية وأجهزة أمنية رفيعة طالبت بتجاهل القضية لعدة أيام لحين انتهاء باراك من زيارته إلى لندن والتى تستغرق ٤٨ ساعة.