موضوع: وعسي ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم الأحد سبتمبر 13, 2009 12:32 am
حقائق
قالوا: إن العاقل الراضي هو من يعد البلاء عافية والمنع نعمة, فالراضي هو الذي يعد نعم الله عليه, فيما يكرهه اكثر واعظم من نعمه عليه فيما يحب, كما قال بعض العارفين يا ابن آدم, نعمة الله عليك فيما تكره اعظم من نعمة الله عليك فيما تحب.
وقد قال تعالي: وعسي ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم وقال بعض العارفين ارض عن الله في جميع ما يفعله بك فانه ما منعك إلا ليعطيك, ولا ابتلاك إلا ليعافيك, ولا امرضك إلا ليشفيك, ولا أماتك إلا ليحييك, فاياك ان تفارق الرضا عنه طرفة عين فتسقط من عينه.
فالله يخلق ما يشاء ويختار وليس لأحد معه اختيار, فقد تفرد بالتدبير والخلق, وليس للعبد شئ, فالامر كله لله وحده, وقد قال لنبيه عليه الصلاة والسلام: ليس لك من الامر شئ فاذا تيقن العبد ان الامر كله لله وليس له من الامر قليل ولا كثير لم يكن له معول غير الرضا بمواقع الاقدار, وما يجري به من ربه الاختيار, وهو خير له من أن يختار.
قال ابن القيم: فالله سبحانه لا يقضي لعبده المؤمن قضاء إلا كان خيرا له ساءه ذلك القضاء أو سره فقضاؤه لعبده المؤمن المنع عطاء, وان كان في صورة المنع, ونعمة وان كان في صورة محنة, وبلاؤه عافية وإن كان في صورة بلية, ولكن لجهل العبد وظلمه لا يعد العطاء والنعمة والعافية إلا ماوجده ملائما لطبعه,
ولو رزق من المعرفة حظا وافرا لعد المنع نعمة والبلاء رحمة, وتلذذ بالبلاء اكثر من لذته بالعافية, وتلذذ بالفقر أكثر من لذته بالغني, وكان في حال القلة اعظم شكرا من حال الكثرة, وهذه كانت حال السلف.
وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ياأيها الناس اتقوا الله واجملوا في الطلب فان نفسا لن تموت حتي تستوفي رزقها وان ابطأ عنها, فاتقوا الله واجملوا في الطلب, خذوا ما احل ودعوا ما حرم.
إن الارزاق قد ضمنها الذي بيده خزائن السماوات والارض, وقد تكفل برزق عباده ووعد بها, واقسم عليها: وفي السماء رزقكم وما توعدون فورب السماء والارض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون.
من اجل هذا اعطي للانسان من الرضا لكي يعصمه ويمنعه من الشر والطمع والتطلع إلي ما في ايدي الآخرين, وقال تعالي: رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه.