الإسلام يحث عليه ويرغب فيه دعــــوة للحــــب |
|
|
لايستطيع الإنسان أن يحيا بدون الحب,فهو من الأشياء الفطرية التي لا يمكن للإنسان ان يستغني عنها لاستمرارالحياة, البعض يعتقد ان الاسلام يرفض التطرق للحديث عن الحب ويعتبره من الأمور المنهي عنها والمحرمة, |
|
|
|
|
لكن الإسلام يدعو للحب ويرغب فيه ويدعو للحب الذي ينفع الانسان ويزيد
طاعته لله عز وجل ويجلب له السعادة في الدنيا والآخرة,ويرفض الحب الذي
يضر الانسان ويعينه علي المعصية ويجلب له الشقاء في حياته ومماته, يدعو
لحب الله سبحانه وتعالي وهو اصل دين الاسلام بكماله يكمل الإيمان يدعو لحب
النبي صلي الله عليه وسلم أكثر من النفس والأهل والمال والولد والناس
أجمعين.
يدعو لحب الآباء فهم طريق لدخول الجنة يدعو للحب في الله فهو من أسمي
معاني الحب وأجله وهناك من الحب ما يكون طاعة لله عز وجل في بعض الأحيان
ومعصية في أحيان اخري كحب الرجل وامرأة في غير ما احل الله.
الإسلام يرفض بغض الاشخاص ويحرم كل ما من شأنه ان يوقع العداوة والبغضاء
بين الناس. في هذا التحقيق سنتعرف علي الحب وأهميته في حياة الانسان متي
يكون طاعة لله؟ ومتي يكون نقمة ومتي يكون البغض واجبا ومتي يكون مرفوضا؟
حب الله.. الطريق لكمال الإيمان
حب الله سبحانه وتعالي أصل دين الإسلام بكماله يكمل الإيمان وهذا الحب
ينبغي ان يترجم إلي حسن اتباع وطاعة للأوامر واجتناب للنواهي.
يقول الدكتور يوسف صلاح الدين ـ مدرس بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر
ــ الناس يتفاوتون في حب الله تعالي بتفاوت اعمالهم التي تقربهم الي الله
عز وجل, فقد قال سبحانه وتعالي في الحديث القدسيمن تقرب إلي شبرا تقربت
إليه ذراعا, ومن تقرب إلي ذراعا تقربت اليه باعا, ومن أتاني يمشي
أتيته هرولة.. رواه البخاري.
ويضيف ان سبل الوصول لهذا الحب الإلهي تتمثل في قراءة القرآن بتدبر
فالقرآن هو مرآة الله في الأرض, وهو الميزان الذي يعرف الانسان نفسه
ويعرف كثرة الإيمان من عدمه وهنا يقول ابن مسعود رضي الله تعالي عنه(لا
تسألوا الناس عن انفسكم اسألوا انفسكم عنكم وعن القرآن) ويأتي بعد ذلك
ذكر الله دائما وابدا ففيه طرد للشيطان وولاية للرحمن وطاعة وبعد عن كل ما
يغضب الخالق سبحانه وتعالي, والتقرب اليه بالنوافل بعد الفرائض.
ويشير الي أن حب الله هو السبيل للكمال وايمان المؤمن فعن انس بن مالك رضي
الله عنه ان رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: ثلاث من كن فيه وجد
حلاوة الإيمان, ان يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما, وان يحب
المرء لا يحبه إلا لله, وان يكره ان يعود في الكفر كما يكره ان يقذف في
النار.
وهذا الحديث يبين حقيقة مفادها ان الايمان كالثمرة كلما اكتمل نموها
ونضوجها زادت حلاوتها, ثم بين ثلاث علامات من علامات الإيمان أولاها:
ان يكون حب الله تعالي وحب رسوله صلي الله عليه وسلم مقدما علي حب
غيرهما.
ويوضح ان القرآن الكريم عدد خصال ما يحبهم الله سبحانه وتعالي, فالله
يحب التوابين ويحب المتطهرين ويحب المتقين ويحب الصابرين ويحب المتوكلين
ويحب المقسطين ويحب المحسنين ولذا فعلي العبد ان ينمي علاقته بربه وان
يحاول جاهدا ان يتصف بهذه الصفات التي تقربه من الخالق عز وجل وتقوي في
نفسه محبته فإذا قويت هذه المحبة اصبح ممن يستحقون حب الله ورضوانه.
حب الرسول.. سلوك لا كلام
حب النبي صلوات الله عليه وسلامه عبادة يتقرب بها الإنسان إلي الله عز
وجل.. فلايكتمل الايمان بدون حبه. وهذا الحب يجب أن يكون أكثر من
النفس والمال والأهل والولد والناس أجمعين.
يقول الدكتور حامد أبوطالب عميد كلية الشريعة والقانون سابقا: إن الذين
يدعون حب الرسول ويدعون أنهم مسلمون ولا يعملون بتعاليمه لا يمتون للإسلام
بصلة.
فلابد أن ينعكس هذا الحب علي سلوك الإنسان.. ويظهر حبه صلي الله عليه
وسلم في حب المسلم للناس وفعل الخيرات وإكرام الجار ونشر الحب والوئام حتي
يتحقق الإسلام بشكل حقيقي.
ومن علامات محبة النبي صلي الله عليه وسلم الاقتداء به وإحياء سنته, فقد
قال القاضي عياض: اعلم ان من أحب شيئا آثره وآثر موافقته, وإلا لم يكن
صادقا في حبه وكان مدعيا, فالصادق في حب النبي صلي الله عليه وسلم من
تظهر علامة ذلك عليه: وهي الاقتداء به, واستعمال سنته, واتباع
أقواله وأفعاله, وامتثال أوامره واجتناب نواهيه, والتأدب بآدابه في
عسره ويسره ومنشطه ومكرهه, ودليل هذا قوله تعالي:( قل إن كنتم تحبون
الله فاتبعوني يحببكم الله).
ويضيف: المحب حقا لرسول الله يجب أن يكون حسن السلوك مع المسلمين وغيرهم
وأن يتحلي بالأخلاق النبوية التي دعا اليها النبي صلوات الله عليه وسلم
حتي نتغلب علي كل المشكلات التي تواجه المجتمع اليوم.
ويؤكد أن محبة النبي صلي الله عليه وسلم ينبغي أن تكون في أولي مراتب الحب
بعد حب الخالق عز وجل, فلا يجوز أن يقدم أي حب علي محبته صلي الله عليه
وسلم.. لأن الايمان لا يكتمل حتي تكون محبته مقدمة علي محبة النفس
والأهل والمال والولد, فيقول صلي الله عليه وسلم:( لا يؤمن أحدكم حتي
أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين).
الحب في الله.. لمن أطاعه
من أسمي معاني الحب وأعلاه أن يحب الإنسان في الله ولله.. فتكون المحبة ابتغاء وجه الله تعالي لا من أجل مصالح دنيوية متبادلة.
يقول الدكتور محمد مختار جمعة الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية: الحب
في الله أن تحب من أطاع الله ولو كان عنك بعيدا وإن لم تجمعك به أي مصلحة
وإن تباعدت الأوطان واختلفت الأزمنة.. والبغض في الله أن تبغض من عصي
الله ولو كان منك قريبا.
وهذا الحب إذا لم يكن قائما علي عقيدة راسخة تجعل كل تصرفات صاحبها مرتبطة
بمرضاة الله عز وجل فإنه يكون حبا هشا لا يسلم غالبا من الزلل, أما إذا
حكمته الضوابط الشرعية الراغبة فيما عند الله كان حبا قويا متينا تحوطه
رعاية العناية الإلهية.
فإذا صدقت النوايا كان التأليف بين القلوب من الله عز وجل.. يقول الحق
سبحانه وتعالي: وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين
قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم.( الأنفال:63).
أما إذا دخلت المصالح والمطامع ولم تكن النية صادقة في هذا الحب تجاذبته
المصالح وتنازعته المطامع ووقع فيه الاختلاف والتنافر, وقال بعض علمائنا
الأصل في العلاقة أن تكون لله ولا مانع أن تتخللها المصالح المتبادلة في
ضوء المباح والمشروع وألا تكون هذه المصالح هي الأصل في العلاقة.
ويضيف, أن الحب في الله له ثماره في الدنيا والآخرة.. ففي الدنيا يكون
سببا لمحبة الله عز وجل للعبد, فقد ذكر نبينا صلوات الله عليه وسلم أن
رجلا خرج يزور أخا له في الله عز وجل في قرية أخري فارصد الله عز وجل
بمدرجته ـ بطريقه ـ ملكا فلما مر به قال: أين تريد قال: أريد فلانا
قال لقرابة قال: لا قال فلنعمة له عندك تربها قال: لا قال: فلم تأته
قال: أني أحبه في الله قال: فإني رسول الله إليك انه يحبك بحبك إياه
فيه).. كما أنه سبب لاستكمال إيمان العبد قال رسول الله صلي الله عليه
وسلم: من أعطي لله ومنع لله وأحب لله وابغض لله وأنكح لله فقد استكمل
إيمانه, وفي الآخرة فإن المتحابين في الله يكونون في ظل عرش الرحمن يوم
القيامة.. قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: سبعة يظلهم الله في ظله
يوم لا ظل إلا ظله.. ذكر منهم رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا
عليه.
ويشير الي انه من الأسباب التي أدت لحدوث الفرقة بين المسلمين اليوم أن
الأخوة بينهم أصبحت قائمة علي أساس من المصالح الدنيوية, فكثير من الناس
يتعاملون بمبدأ إذا كانت الدنيا معك كانوا معك, وإذا كانت الدنيا عليك
كانوا عليك.. وليس هذا بخلق الخل الوفي.. فالصديق وقت الضيق كما
يقولون.. والصديق من صدقك في السر والعلن.. وهذا ما تربي عليه الصحابة
الكرام رضوان الله عليهم علي يد النبي صلي الله عليه وسلم.. فضربوا أعظم
النماذج في الإخاء والإيثار.
بر الوالدين طريق للجنة
الكل يدعي محبة الوالدين.. لكن هذا الحب لا يكون حبا إلا إذا تجاوز حدود
العاطفة وترجم إلي بر وإحسان بهما.. وهذا الحب واجب علي الأبناء..
فالوالدان هما سبب سعادة الانسان في الدنيا والآخرة وحبهما وبرهما الطريق
إلي الجنة.
يقول الشيخ سعد النجار من علماء الجمعية الشرعية: لمكانة الوالدين وعظم
حقهما قرن الله عز وجل حقهما بحقه سبحانه وتعالي تشريفا لهما, واعلاء
لقدرهما.. فجعل الاحسان للوالدين بعد توحيد الله تعالي مباشرة قال
تعالي: وقضي ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا.
فإذا كان البر بهذه المرتبة فإن الجزاء عليه يكون بعد الجزاء علي التوحيد
مباشرة.. ولعظم حق الوالدين قدم الرسول برهما علي الجهاد, فعن ابن
مسعود قال: سألت النبي صلي الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلي الله؟
قال:( الصلاة علي وقتها) قلت: ثم أي؟ قال:( بر الوالدين) قلت:
ثم أي؟ قال:( الجهاد في سبيل الله).
ولقد أوصانا الله عز وجل بهم فقال سبحانه وتعالي: ووصينا الانسان
بوالديه حملته أمه وهنا علي وهن وفصاله في عامين).( لقمان:14).. فحب
الوالدين وبرهما طريق الإنسان للجنة, فعن أبي هريرة عن النبي ـ صلي الله
عليه وسلم ـ قال:( رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف. قيل من يا رسول
الله قال: من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة).
كما أن الجنة تحت أقدام الأمهات لقوله ـ صلي الله عليه وسلم ـ لأحد
الصحابة عندما جاء يسأله فقال:( يا رسول الله أردت الغزو وجئتك
أستشيرك, فقال: هل لك من أم؟ قال نعم. فقال: الزمها فإن الجنة عند
رجلها).. والإنسان مهما قدم لهما فلن يستطيع أن يوفيهما حقهما.
ويضيف أن حب الآباء ليست مشاعر فقط ولكن يجب أن يترجم هذا الحب إلي أفعال
خاصة عندما يبلغان الكبر, ويكون ذلك بالتواضع لهما, ومخاطبتهما
باللين, والسهر علي راحتهما, والسماع لهما وطاعتهما في غير معصية.
والتكفل بهما عند الحاجة بالإنفاق عليهما, وإطعامهما, وكسوتهما,
ومراعاة شعورهما, وتجنب كل ما من شأنه الإساءة إليهما فلا يعبث في
وجههما, ولا يتأفف بلسانه.. ولا يفضل عليهما الزوجة والأولاد.
التربية والتوجيه ترجمة لحب الأبناء
حب الأبناء غريزة في النفس البشرية.. من أجلهم يبذل الإنسان الغالي
والنفيس.. ولكن كيف يتم توظيف هذا الحب ووضعه في مساره الصحيح حتي يكون
حبا نافعا للآباء والأبناء..
يقول الدكتور عبدالمهدي عبدالقادر أستاذ الحديث بجامعة الأزهر: يظن
البعض أن حبه لأولاده لا يظهر إلا بالكلمات أو الهدايا, ولكن هذا الحب
يجب وضعه في مساره الصحيح, حيث تمتزج التربية بالحب.. وذلك بتربيتهم
تربية إيمانية صحيحة فإذا أرسيت القواعد الدينية والخلقية في الطفولة فسوف
تستمر في فترة المراهقة ثم مرحلة الرشد عند أكثر الشباب, وإذا قصر البيت
في التربية الإيمانية, فسوف يتوجه الأبناء نحو أفعال ترضي العواطف
فقط. وترسيخ القواعد الإيمانية لدي الأبناء يكون بالقدوة الطيبة,
والكلمة المسئولة, والمتابعة الحكيمة, والتوجيه الحسن, وتهيئة
البيئة المعينة علي الخير, حتي إذا كبر الشاب المؤمن تعهد نفسه فيتوب عن
خطئه إن أخطأ ويلتزم جادة الصواب, ويبتعد عن الدنايا, فتزكو نفسه
ويرقي بها إلي مصاف نفوس المهتدين بعقيدة صلبة وعبادة خاشعة ونفسية مستقرة
وعقل متفتح واع وجسم قوي البنية, فيحيا بالإسلام وللإسلام, يستسهل
الصعاب, ويستعذب المر.
وعلينا أيضا الاستفادة من منهج الصحابة في التربية فقد قال الإمام علي ـ
رضي الله عنه( لاعب ولدك سبعا وأدبه سبعا وصاحبه سبعا ثم اترك حبله علي
غاربه).. أي أن السنوات السبع الأولي من عمر الطفل هي للعب فقط, ومن
سن السابعة حتي الرابعة عشرة فهو سن الأدب وزرع القيم والعبادات ومعرفة
الحلال والحرام, حيث مقدرة الطفل علي التمييز والإدراك في هذه المرحلة
العمرية المهمة والتي تبقي محفورة بالعقل حتي نهاية العمر.
ومن سن الرابعة عشرة وحتي الحادية والعشرين وهي فترة المراهقة فتحتاج إلي
مصاحبة ومصادقة.. فالابن في هذه المرحلة لا يتقبل التوجيه المباشر ولا
يسمع للأوامر أو النواهي وإنما يحتاج للتربية بالمصاحبة وإشعاره بنضج عقله
وأنه أهل لهذه المصاحبة وعقب ذلك يشب الابن ليبلغ سن الرشد ويخوض معارك
الحياة بمفرده..
ويضيف: يجب ترشيد عاطفة الأبوة أو الأمومة بحيث لا تغدق من الحب
والإنفاق والتدليل واللعب مايجعل الأبناء في دائرة الضلال فالضلال ضياع
والتدليل مسخ للخلقة.
حب الرجل والمرأة بين القبول والرفض
ميل الرجل للمرأة وميل المرأة للرجل غريزة فطرية جبل الإنسان عليها..
وهذا الميل قد تتولد عنه عاطفة قوية تحوله الي حب.. وهو من الأشياء
المحببة لنفس الإنسان وضروري لاستمرار الحياة.. ولكن البعض يسعي للوصول
لهذا الحب بالطرق التي تهواها الأنفس ويحبها القلب دون المراعاة لشرع
الله.. فحب الرجل والمرأة قد يكون طاعة وقربة لله, وقد يكون معصية
لله.
وهذا المعني يوضحه الدكتور مصطفي مراد الأستاذ بكلية الدعوة جامعة الأزهر
بقوله: الحب بين الرجل والمرأة يكون طاعة وقربة لله عز وجل إذا كان حب
الرجل زوجته.. فالزوجان عندما ينويان بحبهما طاعة لله وعفاف نفسهما وغض
بصرهما عن الحرام.. فإنهما ينالان الأجر من الله في الدنيا والآخرة.
أما حب الرجل امرأة لا تربطه بها علاقة شرعية فهو يحب يرفضه الإسلام..
لأنه من أعظم أسباب وقوع الفاحشة.. ورسولنا الكريم صلوات الله عليه
وسلامه يقول: ما تركت بعدي فتنة أضر علي الرجال من النساء.. فكم من
عابد صالح صار عاصيا بوقوعه في فتنة النساء.
ولقد أمر الإسلام الرجال بغض البصر وأمر النساء بغض البصر وعدم إظهار
الزينة حتي لا يقعوا في الفاحشة.. قال تعالي: قل للمؤمنين يغضوا من
أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكي لهم إن الله خبير بما يصنعون, وقل
للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر
منها( النور:30 ـ31).
ويضيف أن البعض يري أن وجود علاقة حب بين رجل وامرأة لا تربطهما علاقة
شرعية شيء طبيعي وليس جريمة ويعتبرونه حبا بريئا.. ونقول لهم: الإسلام
يرفض هذا الحب منذ اللحظة الأولي.. فإذا انشغل المرء بالمحبوب وشغف به
وأدام الفكر فيه حتي يصير همه الأكبر ورغبته العظمي صار هذا الحب البرئ
عشقا.. وعندها يحدث مالا يحمد عقباه.. والإسلام سد كل الطرق التي تؤدي
للوصول الي هذه الفتنة فأمر بغض البصر.
ووجه النصيحة للشباب قائلا لهم: إذا مال قلب أحدكم لفتاة فعليك أن تأخذ
بالأسباب الشرعية لعلاج هذا الحب.. فإذا كانت ممن تتصف بالخلق والدين
وكانت كفئا لك فعليك أن تسارع بخطبتها.. كما قال رسول الله صلي الله
عليه وسلم: تنكح المرأة لأربع, لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر
بذات الدين تربت يداك.
ويجب علي ولي أمر الفتاة ألا يرد هذا الزوج إذا كان علي دين وخلق وكان
كفئا لها.. فالإسلام عالج هذا الأمر القلبي بالترغيب في زواج المتحابين
بل وحث المسلمين علي أن يزيلوا الخصام بين الزوجين المتحابين, فإن لم
يستطع أن يتم هذا الزواج لأي سبب من الأسباب فعليه أن يجاهد نفسه في ترك
هذه العلاقة, لأنها إذا استمرت فإن العذاب ينتظرهما في الدنيا والآخرة.
بغض الأفعال.. لا الأشخاص
الإسلام يرفض كراهية الأشخاص, ولكنه يدعو لكراهية الأفعال السيئة..
يقول الدكتور محمد عبدرب النبي حسنين ـ من علماء الجمعية الشرعية ـ البغض
نوعان حسن ومذموم.. والبغض الحسن كأن يبغض الإنسان المعصية والكفر
والأفعال المذمومة.. لا أن يبغض أصحابها.
هذا البغض يسمي البغض في الله.. وهو أوثق عري الإيمان.. والمسلم مطالب
به.. والإنسان عندما يبغض شخصا في الله يجب أن يقابل هذا البغض حبا..
وهو أن يحب للمذنب أن يتوب وأن يرجع إلي الله.. فإن تاب وأناب ورجع إلي
طاعة الله فإن هذا البغض يتحول إلي حب في الله. وبغض المعصية في العاصي
لا يمنع من إعطائه حقه في النصح والإرشاد والإنصاف والعدل, فقد ورد في
الأثر أن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ رأي قاتل أخيه فقال له: والله
لا أحبك حتي تحب الأرض الدم! فقال الأعرابي القاتل: أفتظلمني حقي يا
أمير المؤمنين؟ قال عمر: لا!
أما البغض المذموم المنهي عنه فهو بغض الصالحين والطاعة وحب الخير..
وبغض الأشخاص لا بغض أفعالهم. ويضيف أنه في بعض الأحيان يكون البغض
قهريا فالحب لا قدرة للإنسان علي اكتسابه ولا يملك التصرف فيه وإنما علي
الإنسان أن يضبطه فلا يترجم هذا البغض إلي أقوال أو أفعال ظاهرة تسيء
للآخرين, والأصل هو الاعتدال في الحب أو البغض بحيث لا يطغي جانب علي
جانب, كما قال علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ أحبب حبيبك هونا ما,
فعسي أن يكون بغيضك يوما ما, وأبغض بغيضك هونا ما, فعسي أن يكون حبيبك
يوما ما.
ويشير إلي أن الإسلام نهي عن التباغض قال النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ لا
تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا ولا يحل لمسلم
أن يهجر أخاه فوق ثلاث. فالتباغض يحول بين العبد وبين مغفرة الله فعن
أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ قال:
تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله
شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء, فيقال: أنظروا هذين حتي
يصطلحا, أنظروا هذين حتي يصطلحا. ويضيف, قد يتحول التنافس في العمل
إلي بغض بين الناس وهو ما يرفضه الإسلام.. فالإنسان عندما يجد زميلا له
في العمل متفوقا فيجب عليه ألا يبغضه ولا يحسده ولكن يغبطه.. والغبطة هي
أن يتمني الإنسان مثل ما للمغبوط من النعمة من غير أن يتمني عنه زوالها.
أما البغض فهو كره الفعل وقد يصل بالإنسان إلي الحسد وهو تمني زوال النعمة
عن غيره. والبغض يعمي القلب ويطفئ نور العبادة وهو دليل علي خبث النفس
ولؤمها ويؤدي إلي انشغال الإنسان بالأشخاص عن العمل وهو سبب تمزيق المجتمع
وتفتت كلمة المسلمين وتأخر الأمة في كل المجالات الاقتصادية والعلمية
والسياسية.